نحن الآن على أبواب امتحانات نصف العام فلم يبقى عليها سوى القليل.
وتجد الفتيات يسارعن نحو النجاح، فمثل الفتاة التي تسعى إلى النجاح كمثل العالم الشهير المسلم ابن الهيثم رحمه الله حيث كان يقول:
(أنا ما دامت لي الحياة، فإني باذل جهدي وعقلي متفرغ طاقتي في العلم لثلاثة أمور:
1. إفادة من يطلب العلم في حياتي وبعد مماتي.
2. ذخيرة لي في قبري ويوم حسابي.
3. رفعة لسلطان المسلمين) محمد الحسن بن الهيثم.
إنه ابن الهيثم ـ رحمه الله ـ مؤسس علم البصريات, وله 43 كتابًا في الفلسفة والطبيعة، و25 كتابًا في العلوم الرياضية، و21 كتابًا في الهندسة، و20 كتابًا في الفلك والحساب.
وقد ذكر أن مجموع ما وصل إلينا من كتبه قد بلغ مائتي كتاب، وكان في كل كتبه رحمه الله يفتتحهما بهذه الجملة الرائعة) [حياة النور، فريد مناع، ص(193 – 194)].
فالفتاة المسلمة تذاكر من أجل أن ترفع راية الدين عالية مرفرفة، ولكن تجد الفتاة المسلمة يعتريها بعض القلق والامتحانات مقبلة عليها.
وتظل الفتاة الجامعية في حيرة من أمرها، فالقلق يحوم حولها، وعدم القدرة على المذاكرة، والشعور بالملل له أسبابه النفسية.
فانخفاض التحصيل الدراسي يتأثر بالعديد من العوامل؛ مثل: الاستعدادات والقدرات العقلية.
والمتغيرات الدافعية مثل الدافع إلى الإنجاز؛ حيث تعد تلك المتغيرات محركًا وموجهًا للطاقة النفسية للطلاب نحو بذل الجهد في مجال التحصيل الدراسي.
وأيضًا للسمات الشخصية دور في التحصيل الدراسي؛ مثل:
السيطرة والاستقلالية والتوافق الشخصي والتوافق الاجتماعي وحب الاستطلاع والثقة بالنفس.
وهي ترتبط ارتباطًا موجبًا بالتحصيل الدراسي، بينما هناك سمات أخرى ترتبط ارتباطًا سالبًا بالحصيل الدراسي؛ مثل:
الميل إلى الشعور بالذنب والقلق والعصابية وعدم توافر الأمن النفسي.
وكذلك من العوامل الأخرى انشغال الطالب ببعض الأمور العاطفية أو بمشكلاته الخاصة) [الأمن النفسي وعلاقته بالتحصيل الدراسي، عبد الله السهلي، ص(52)].
أختي الفتاة المسلمة:
لابد أن تعلمي أولًا أنك بإمكانك أن تحققي الصعب والذي يظنه الناس مستحيلًا وتحصلي على أعلى الدرجات في دراستك.
بل ومن الممكن أن تكوني من الأوائل، فالله تعالى أوضع في الإنسان الإمكانيات التي تؤهله لذلك فهل تُصدقي أن عقلكِ أنتِ أقوى من أي شيء حتى الحاسب الآلي؟
إنه لا يساورك أدنى شك حول قدرة الحاسب الآلي في أن يتعلم فورًا أي برنامج جديد تغذيه به.
وأن يتذكر فورًا كل شيء قيل له, ووو...,
ومع ذلك يؤكد علماء الحاسبات الآلية أن الشوط ما زال بعيدًا جدًا حتى يتمكنوا من اختراع حاسب آلي يكافئ قدرات العقل البشري، من حيث التشابك، أو التخزين أو الاسترجاع، أو التصنيف.
لقد منح الله تعالى؛ أداة جبارة أعظم وأقوى من أي حاسب, وذلك يعني أنك تستطيع بعون الله أن تفعل أي شيء يستطيع الحاسب الآلي فعله, ولكن أسرع منه وأفضل, وإليك هذه المعلومات المذهلة:
1. يحتوي المخ على 200 مليون خلية أي ما يعادل عدد النجوم في بعض المجرات الكونية.
2. سرعة أفكاركِ عبر الجهاز العصبي تتجازو 200 ميل في الساعة، أي بسرعة أكبر من أي قطار العالم [القطار الرصاصة].
3. يحتوي عقلكِ على أكثر من 100 تريليون وصلة عصبية، وهو ما يتوارى منه أعظم الحاسبات الإلكترونية خجلًا.
4. يصل متوسط أفكاركِ حوالي 4000 فكرة كل 24 ساعة بما يعادل 40 دولارًا أمريكيًا في اليوم، إذا كان ثمن الفكرة الواحدة سنتًا واحدًا.
ومعظمنا لا يستخدم بحكم العادة سوى جزء لا يكاد يُذكر من قدراته العقلية.
وهو ما يقدره بعض العلماء بمعهد أبحاث [سانفورد] بنسبة 10% وتظل نسبة 90% المتبقية من القدرات العقلية الكامنة غير مستثمرة.
طريق النجاح والتفوق:
هناك طرق ووسائل تساعد على تحقيق النجاح، وهذه بعض الطرق التي تساعدكِ على النجاح والتفوق:
1. ضعي أهدافًا مناسبة:
إن من المهم جدًا أن تضعي أهدافًا تنساب وقتكِ وطاقتكِ، فقد يأتي عليكِ وقت وتكونين متحمسة للمذاكرة، فتضعي أهدافًا غير واقعية، فتريدين مثلًا أن تذاكري 100 صفحة خلال اليوم.
بينما هذه المائة صفحة تحتاج إلى يومين لأنها تحتوي على الكثير من التفاصيل والحفظ، لذا لابد أن نذكركِ بمواصفات الهدف الفعَّال:
1- المشروعية:
ونعني بها توافق الهدف مع شرع الله؛ فلا بركة ولا خير في عمل يخالف رضا المولى سبحانه وتعالى.
2- الدقة والوضوح:
ونعني بهما أن يكون الهدف واضحًا محددًا، لا لبس فيه ولا غموض، بأن تذكري هدفكِ بصيغة الإثبات لا بصيغة النفي.
فلا تقولي هدفي في هذا العام ألَّا أفشل في الدراسة مثلًا، بل تقولين هدفي: هو الحصول على تقدير ممتاز في كلية الهندسة.
وكذلك بألَّا تستخدمي صيغ العموم في التعبير عن هدفكِ، فلا تقولي: هدفي هو أن أكون ناجحة في حياتي العملية، بل قولي: هدفي هو أن أكون مهندسة متميزة، تملك شركة استشارات هندسية ناجحة.
3- القابلية للتقويم والقياس:
فالهدف الواضح الذي يمكن قياسه يعطيكِ القدرة على تحقيقه بنجاح؛ لأن معرفتكِ بمدى التقدم الذي تحرزينه حيال هدفكِ سوف يشجعكِ.
ويزيد من ثقتكِ بنفسكِ، فلا تقولي: هدفي أن أمتلك راتبًا جيدًا، إنما قولي: هدفي أن يكون راتبي الشهري 5 آلاف ريال.
4- القابلية للتحقيق:
بأن يكون الهدف يتسم بالواقعية والطموح في آن واحد، فلا تأخذكِ الحماسة، فحددي هدفًا تعلمين يقينًا عدم قدرتكِ على تحقيقه.
فتقولي: هدفي أن أنتهي من المادة الواحدة كاملة في يوم واحد فقط.
ولكن في نفس الوقت لا تسمحي للانهزامية والكسل أن يتغلفا بغلاف الواقعية، فتحددي هدفًا دون مستوى قدراتكِ، فتقولي: هدفي أن أن أذاكر خمس ورقات في اليوم فقط.
5- مراعاة عامل الزمن:
فالزمن رأس مال كل من ينشد النجاح، كما أن الهدف دون إطار زمني محدد البدء والنهاية لا يعدو كونه أمنية.
ولا تنسي أن يكون الإطار الزمني متسمًا أيضًا بالواقعية بلا إفراط أو تفريط. [مستفاد من: صناعة الهدف، هشام مصطفى، صويان شايع الهاجري، وأخرون].
2. تنظيم الوقت:
فأحيانًا فتاتي الجميلة، يكون هناك أشياء تضيع الأوقات وتهدر الطاقات بسبب الفوضى وعدم القدرة على تنظيم الوقت بفاعلية.
حيث لا تجدي ما تريده حينما تحتاجينه، بل تضطري لإنفاق الوقت والمجهود بحثًا عن كتاب أو مرجع أو ورقة بحث.
وأحيانًا تنفقين من وقتكِ الثمين نصف ساعة أو ساعة أو ساعتين من أجل أن تبحثي عن ورق ليست بالمهمة. [مستفاد من: الأهم أولًا، ستيفن كوفي، ص(479)].
ولابد أن تعلمي وأنتِ تنظمين وقتكِ مصفوفة الوقت لتعرفي ما المهم وغير مهم:
1- هام وعاجل.
2- غير عاجل وهام.
3- غير هام وعاجل.
4- غير هام غير عاجل.
فعلى أساس تلك المصفوفة تنظمي وقت مذاكرتك، فمثلًا تبدأين بالمادة الصعبة والتي فيها تفاصيل كثيرة تحتاج إلى فهم وحفظ جيد، ثم تأخذي بعد ذلك المادة الأقل صعوبة وهكذا.
3. "سوف" ليس في القاموس:
إن من أكثر الأشياء التي تعوقكِ عن المذاكرة والمواصلة استذكار الدروس، هي كلمة سوف، فهناك جملة تعلمناها ونحن صغار وهي "لا تؤجلي عمل اليوم إلى الغد".
وهذه الجملة يجب أن تكتبيها في ورقة وتضعيها فوق مكتبكِ فاحذري أن تؤجلي مذاكرتكِ إلى اليوم التالي فتقولي مثلًا (سوف أكمل هذا الفصل غدًا، مازال الوقت معي فسأذاكر هذا الدرس بعد غد) وهكذا تظلين تؤجلين في المذاكرة حتى تتراكم عليكِ الدروس.
فيجب ألا تؤجلي دروسكِ، يقول وليم جيمس ـ وهو المتصف بأنه أب علم النفس في أمريكا ـ (بأن هناك ما يُسمى بمبدأ المتعة في العمل، وهو ببساطة أن سلوك الإنسان يتأثر إلى حدٍّ بعيد بما هو مريح وممتع له، فيميل دومًا إلى فعل الأمور المحببة والممتعة له.
ويحاول جاهدًا التهرب من الأعمال البغيضة وغير الممتعة له، لكن بينما يكون العمل بغيضًا على النفس؛ نجده في كثير من الأحيان غاية في الأهمية، لذلك إن ما نسوفه في غالب الأحيان قد يكون أهم ما لدينا من الأعمال، وذلك لكونها بغيضة على النفس) [إدارة الوقت، ريتشارد وينوود، ص(106)].
ماذا بعد الكلام؟
1. تذكري أنكِ تذاكرين من أجل رفعة هذا الدين.
2. ضعي أهدافكِ بطريق واقعية، فكل مادة من المواد قسميها إلى فصول وكل فصل تضعي له وقته المحدد للانتهاء منه.
3. لا للتسويف، فلا تؤجلي مذاكرتك إلى الغد حتى لا تتراكم عليكِ.
المصادر:
• إدارة الوقت، ريتشارد وينوود.
• الأهم أولًا، ستيفن كوفي.
• حياة النور، فريد مناع.
• الأمن النفسي وعلاقته بالتحصيل الدراسي، عبد الله السهلي.
• صناعة الهدف، هشام مصطفى، صويَّان شايع الهاجري وآخرون.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام